سورة الأحزاب - تفسير تيسير التفسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأحزاب)


        


زينة الدنيا: كل ما فيها من متاع ونعيم. أمتعكن: اعطيكن المتعة من مال ولباس بحسب ما أستطيع. وأسرّحكن: اطلقكنّ. سَراحا جميلا: طلاقا من غير ضرر ولا مخاصمة ولا مشاجرة. الفاحئة: المعصية. مبيّنة: ظاهرة واضحة. ضِعفين: ضعفي عذاب غيرهن من النساء. يسيرا: هيّنا.
بعد أن نصر الله رسوله والمؤمنين وفتح عليهم بني قريظة واموالهم، طلب نساء النبي ان يوسع ليهن بالنفقة، وقلن له: يا رسول الله، بنات كسرى وقيصر في الحَلْي والحلل، والاماء والخدم والحشَم، ونحن على ما تراه من الفاقة والضيق! فأنزل الله تعالى في شأنهن قوله: {يا أيها النبي قُل لأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الحياة الدنيا...} الآيات.
فبدأ بعائشة، فقال لها: إني أذكر لك أمراً ما أحبُّ ان تعجَلي حتى تستأمري أبويك. قالت: وما هو؟ فتلا عليها: {يا أيها النبي قُل لأَزْوَاجِكَ....} الآية قالت عائشة: أفيكَ أَستأمر ابويَّ! بل اختارُ الله تعالى ورسولَه. ثم تابعها بقيةُ نسائه. وكنّ تسعاً: سِتّاً من قريش، وهن عائشة وحفصة وام حبيبة وسودة وام سلمة وزينب بنت جحش الاسدية، وثلاثاً من غير قريش وهن: ميمونة بنت الحارث الهلالية، وصفية بنت حُيي بن أخطب يهودية الأصل، وجويرية بنت الحارث المصطَلَقية.
وبعد أن خيّرهن واخترن الله ورسولَه وعَظَهن بقوله تعالى: {يانسآء النبي مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا العذاب ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى الله يَسِيراً}.
وفي هذا تهديد شديد، لأنهن لسن كغيرهن من النساء.... والذنبُ من العظيم عظيم، فمن تفعل منهن ذنباً يضاعَف لها العذاب من الله.
قراءات:
قرأ ابن كثير وابن عامر {نُضَعِّف العذابَ} بضم النون وتشديد العين المكسورة ونصب {العذاب}. وقرأ أبو عمرو: {يُضَعَّف} بضم الياء وتشديد العين المفتوحة على البناء للمفعول، {العذاب} مرفوع. وقرأ الباقون: {يُضاعَف لها العذاب} بألف بعد الضاد، للمجهول.
هكذا كانت آيتا التخيير تحدّدان الطريقَ الواضح: فإما الحياةَ الدنيا وزينتها، واما اللهَ ورسوله والدارَ الآخرة. وقال نساء الرسول الكريم بعد ذلك: واللهِ لا نسألُ رسول الله بعد هذا المجلس ما ليس عنده، وفرح الرسولُ بذلك صلى الله عليه وسلم.


يقنت: يطع الله ويخضع له. س يقال قَنَتَ لله وقنت اللهَ، متعد ولازم. أعتدنا: هيّأنا وأعددنا. كريما: سالما من الآفات والعيوب. لستنّ كأحد من النساء: لا يساويكن احد من النساء في الفضل والمنزلة. فلا تخضعن بالقول: فلا تِجبن احداً بقول لين مريب. في قلبه مرض: في قلبه ريبة وفجور. وقلن قولا معروفا: قولا حسنا لطيفا بعيدا عن الريبة. وقَرن في بيوتكن: إلزمن بيوتكن. التبرج: اظهار الزينة. الجاهلية الاولى: الجاهلية القديمة التي لا تعرف دينا ولا نظاما. ليُذهب عنكم الرجس: الاثم والذنب. آيات الله: القرآن الكريم. والحكمة: ما ينطق به الرسول من السنة والحديث.
ومن تطعْ منكنّ يا نساء النبيّ اللهَ ورسولَه وتخضع لأوامرهما، وتعمل صالح الأعمال، يعطِيها الله أجرها مرتين (كما هدّد بمضاعفة العذاب)، وزيادةً على مضاعفة الأجر أعدّ الله لكنّ الكرامة في الدنيا والآخرة.
ثم بين لهنّ أنهن لسن كغيرِهن من النساء بقوله تعالى: {يانسآء النبي لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النسآء إِنِ اتقيتن فَلاَ تَخْضَعْنَ بالقول فَيَطْمَعَ الذي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً}.
ليس هناك جماعة من النساء تساويكن في الفضل والكرامة، لأنكن أَزواج خاتَم النبييّن، وأمهات المؤمنين، وهذه منزلةٌ عظيمة لم يتشرّف بها احدٌ من النساء غيركن.
ولذلك نهاهنّ الله عن الهزل في الكلام إذا خاطبهنّ الناس، حتى لا يطمع فيهنَّ منْ في قلبه نِفاق، ثم أمَرَهنّ ان يقُلن قولاً معروفا بعيداً عن الريبة.
{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجاهلية الأولى}.
وهذا أمرٌ من الله أن يلزمن بيوتَهن، وان لا يظهِرن زينتهن ومحاسنَهن كما يفعل أهل الجاهلية الاولى. ثم أمرهنّ بأهم اركان الدين وهو إقامة الصلاة وايتاء الزكاة، واطاعة الله ورسوله.
{إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرجس أَهْلَ البيت وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}.
ليُذهب عنكُم كلَّ دَنَس وإثمٍ يا أهلَ بيت النبي الكريم ويجعلكم طاهرين مطهَّرين. ثم امرهن بتعلُّم القرآن وتعليمه لغيرِهن، وان يستوعبن ما يقول الرسولُ الكريم من الحكمة المبثوثة في سُنَّته، لأن الناس سيهرَعون إليهن ليأَخذوا منهنَّ ما سمعنَه منه.
قراءات:
قرأ حمزة والكسائي: {ومن يقنت منكن....ويعمل صالحا}، بالياء في الفعلين. وقرأ الباقون: {ومن يقنت...وتعمل} بالتاء في الأخير.
وقرأ عاصم ونافع: {وقَرن} بفتح القاف. والباقون: {وقِرن} بكسر القاف.


الاسلام: الانقياد والخضوع لأمر الله، والايمان: التصديق بما جاء عن الله من أمرٍ ونهى. القنوت: الطاعة في سكون. الصبر: تحمل المشاق والمكاره والعبادات والبعد عن المعاصي. الخشوع: السكون والطمأنينة. اعدّ الله لهم مغفرة: هيأ لهم الرحمة والغفران واحسن الجزاء.
ذكر الله تعالى في هذه الآية عشر صفات من صفات المؤمن المخلص الصادِق الإيمان، وهي الإسلام، والإيمان، والقنوت، والصدق، والصبر، والخشوع، والتصدُّق، والصوم، وحفظ الفرْج، وذِكر الله كثيرا.
فهذه الصفات تجعلُ من يتحلّى بها من المؤمنين رجلا مثاليا أو امرأة مثالية. ويلاحَظ ان الله تعالى لم يفرّق بين المرأة والرجل، فالكل سواء في العمل والايمان والأجر والكرامة. وأيّ منزلة أرفعُ من هذه المنزلة للمرأة، فهي تُذكر في الآية بجنب الرجل، مع رفع قيمتها، وترقية النظرة اليها في المجتمع واعطائها مكانها اللائق في التطهر والعبادة والسلوك القويم في الحياة.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6